كان يوم 27 مارس 1959 هو اليوم العاشر علي ما عتقد في شهر رمضان المبارك في هذا اليوم دخل مكتبي .. عبد الستار الطويله .. و ابلغني بأن مسألة اعتقاله هي مسألة ساعات ؛ و انه علي الأغلب سيكون الليله مع الرفاق الذين سبقوه الي المعتقل ؛ و اوصاني مره اخري بأهل بيته و بحقوقه لدي الجريده .. و مره اخري وعدته خيرا بشرط ان يذهب الي المعتقل هذه المره و لا يخلف وعده كما حدث في المره السابقه و بعد انتهاء العمل في المساء ؛ غادرت مكتبي في شارع محمد سعيد خلف مجلس الوزراء و ذهبت الي منزلي ؛ و لم يكن عدندي من الأطفال الا .. هاله .. و كان عمرها عاما و بضعة شهور ؛ و زوجتي حامل في شهرها التاني .. و بعد السهره قمنا لتناوا طعام السحور ؛ و لكن جرس الباب دق عدة مرات متواصله فقمت افتح الباب ؛ و فوجئت بأن الطارق افندي في التلاتينات من عمره و معه شخصان ؛ و قال الرجل بأدب شديد .. لدينا اذن بتفتيش الشقه ؛ و سألته عن السبب .. فأجاب للبحث عن منشورات ؛ و لما لم يكن لدي اي منشورات من اي نوع فقد رحبت بهم و دعوتهم لدخول الشقه ؛ و يبدو انهم اصيبوا بخيبة امل لعدم العثور علي منشورات فاستولوا علي بعض الكتب من بينها كتب ادبيه و كتب ثقافيه و كتب سياسيه ووقفوا طويلا امام احدها كان يحمل غلاف شعار الشيوعيه العالميه .. المطرقه و السندان .. و هو كتاب اّثرت الحياه .. لكرافيشينكو ؛ و تصورت ان الأمر انتهي عند هذا الحد؛ و لكن الضابط طوسون طلب مني فيما يشبه الرجاء ان اصحبهم الي مباحث الجيزه مؤكدا للعبد لله ان الأمر لن يستغرق الا دقائق
********************************************************
و طبعا الدقايق دي بقت سنين قضاها محمود السعدني يتنقل من معتقل لمعتقل
و لا المجرم اللي بيخدوه كعب داير من قسم لقسم .. من معتقل لقلعه للواحات للفيوم
و شاف عذاب و لا سجون النازي .. بس رغم كده مختفتش عنه خفة الدم
و الفكاهه و السخريه حتي و هو جوه المعتقل و في وسط العذاب و الذل
و الاحتقار .. كل ده ليه هو نفسه ما يعرفش يا عيني و لا كان شيوعي و لا يحزنون
و كان اصلا بيتريق علي الشيوعيين .. لكن نصيبه جه كده .. شعور جالي و انا بقرا
و هو اني بتفرج علي فيلم البرئ للامبراطور احمد زكي حقيقي قد ايه قدر الفيلم انه يوصل نفس
الصوره الحقيقيه اللي ناقلهالنا السعدني عن تجربه شخصيه مريره
و من المناطق اللطيفه جدا في الكتاب فصل اسمه .. حكايات الصول شاهين
و د صول اتصاحب عليه السعدني و بقي يقعد معاه يشربوا سجاير و قدر السعدني يكسبه
بحكبياته اشيقه و المثيره عن البلاد اللي سافرها و اللي فيها و اللي قري عنها كمان
و كان عامل و لا شهرزاد اللي بتحكي لشهريار و في يوم في وسط حواديته للصول شاهين
حصل المشهد ده ما بينهم .. من نص الكتاب
رحت اطوف مع الصول شاهين في كل ارجاء الأرض الواسعه حكيت له عن جزيرة بالي و جزر هاواي و جزيرة مالماو ؛ و عندما انهت الأسماء الموجوده علي خريطة العالم ؛ رحت اخترع اسماء من عندي ؛ و عندم خيل الي انني احكمت السيطره علي عقل الصول شاهين وجدت نفسي واقعا في مطب لم استطع الخروج منه الا بصعوبه شديده ؛ فبعد شهرين من الحديث عن البلاد التي زرتها و البلاد التي لم ازرها ؛ سألني شاهين فجأه .. مارحتش ياجوج و ماجوج ؟ و قلت له دون وعي .. ايه ياجوج و ماجوج ؟؟ و استفزه سؤالي فسألني بحده .. ما تعرفش ياجوج و ماجوج .. ثم قال كأنه يحدث نفسه .. طبعا ما انت شيوعي و ابن هاوهاو .. ياجوج و ماجوج مذكوره في القراّن .. و لم اجد ما اقوله لشاهين فتوقفت عن الكلام و اكتفيت بالتحديق في وجهه .. و راح شاهين يتكلم و كأنه يخطب .. تقدر تقولي مرحتش ليه ياجوج و ماجوج؟؟ اهو انت لفيت الدنيا كلها .. تقدر تنكر انك شيوعي و تستاهل الحرق انا مش فاهم الناس اللي ربنا اداها عقول زيكم و اتعلموا ليه يبقوا شيوعيين؟؟ و قلت للصول شاهين يا حضرة الصول انا عاوزك تعذرني و تفهم موقفي .. انا فعلا مزرتش ياجوج و ماجوج بس ده حصل غصب عني انا كنت عاوز اروح و هما مرضيوش
المهم ان السعدني قدر يضحك علي عقل شاهين و يقنعه انه معرفش ياخد فيزا عشان يسافر
ياجوج و ماجوج .. هههههههههههههه
هتلاقي بقي في الكتاب من اصناف الطبقه دي كتير و انماط كتيره تانيه زي واحد اسمه
فهمي جبيب .. اطلق عليه السعدني مفتي الديار الشيوعيه ؛ كان واحد من المعتقلين
اللي حاسس نفسه فاهم في كل حاجه و انه زعيم الشيوعيه في مصر و بيفتي في اي شئ
و كان مش فاهم حاجه خالص
اخر حاجه عايزه اقولها ؛ ان دي مش اول مره اقري فيها الكتاب انا قريته بتاع اربع مرات
بس في اعمار مختلفه و طبعا كل ما اكبر و اقراه اكتشف حاجات جديده
اللي يحب يشتريه هيلاقيه في
مدبولي
روزاليوسف
و ثمنه .. 7 جنيه
طبعة .. اخبار اليوم
سلامممممم